كثيرا ما اعتبرت الرغبة مشكلة في الفلسفة الكلاسيكية وذلك لأن طبيعتها متناقضة، أو أنها في جميع الأحوال ملتبسة والواقع أن الرغبة بحث عن موضع نعرف أو نتصور أنه مصدر إشباع، ومن تم فهي تكون مصحوبة بالعناء أو بإحساس الفقد والحرمان. ومع ذلك تبدو الرغبة كما لو أنها ترفض إشباعها مادام أنها بالكاد تشبع، وتستعجل ميلادها من جديد. إنها تعقد وتبقى على علاقة غامضة مع موضوعها: فالرغبة تريد أن تشبع ولا تريد.
وبانتقالها من موضع إلى موضوع تكون الرغبة غير محدودة أو أنها مضطرة إلى نوع من اللاإشباع جذري وهذا دون شك هو ما جعل تقليدا فلسفيا يدينها أو يرفضها غير أن الفلسفة المعاصرة ستعاود إعطاء الرغبة مكانة تامة، وستنيطها بقيمة إيجابية. فمن حيث إن الرغبة قوة إثبات، فإنها ستعبر عن ماهية الإنسان ذاته، إذ أنها مصدر إبداع لذاته ولأعماله.
هكذا يمكن أن نخلص إلى جملة من المفارقات التي تكشف عن هذا البعد الإشكالي لمفهوم الرغبة:
واعية # لا واعية إشباع # لا إشباع
رغبة# حاجة رغبة # لا إرادة
محدودة# لا محدودة واحدة# متعددة
متناهية# لا متناهية سعادة# شقاء
لذة# ألم ثبات# تغير
إثبات # نفي
تأسيا على هذه المفارقات يمكن صياغة الإشال الآتي:
ما طبيعة الرغبة؟ وكيف تتحدد علاقتها بالحاجة؟
وهل يمكن للحاجة أن تتحول إلى رغبة؟ وإذا كانت الرغبة ميلا حول موضوع يكون مصدر إشباع، فهل هو ميل واعي إرادي أم لا؟ هل يمكن للإنسان أن يعي رغباته؟ وإلى أي حد يمكن الوعي بالرغبة؟ وهل إشباع الرغبة يحقق السعادة أم الشقاء؟ وإلى أي مدى تتوقف سعادة الإنسان على إشباع الرغبات؟